سرايا - عند اللحظة التي تمسك الكتاب فيها وبدءا من الغلاف الذي وثقت عليه أديبتنا (نصوص نثرية) ستقرّ حينها أن ياسمين الصيرفي تعرف دربها الأدبي؛ فالقارئ للمحتوى الذي نسق بأناقة متخذا شكل القصائد إلا أنها قصائد نثرية تشتمل على ما لذ للعقل من معاني وأفكار وما طاب للسان ترتيله بانسيابية.


فَرَاش دافئ؛ مؤلف نثري يقع في مئة وتسعين صفحةً بما فيها الفهرس؛ شكّلتها الأديبة بثلاثة أبواب: باب فارس الحلم من صفحة 8-صفحة 48، باب في بيتنا الخيالي من صفحة 49- صفحة 104، وباب يبني لي نجمة ص 105- صفحة 184.
حالة من التشتت الفكري لن تحدث؛ فالوحدة العضوية لكل قصيدة في المؤلف قد تحققت؛ فالتزمت الصيرفي بوحدة المشاعر والتصوير الفني، وأدت مفرداتها مع صورها الوظيفة الترابطية للفكرة ومن الأمثلة للاستشهاد على الوحدة العضوية نص: وصال مبتور والإصرار على الحب في كل السطور ونص الأسطوانة المألوفة، والتي تمثل حالة تضحية بسني العمر لمن أراد أن يكبر بعد تجربتها بحب غير مرئي.


أما عن الوحدة الموضوعية: القارئ لفرَاش دافئ لن يعيش حالة اغتراب مع أي نص؛ على الرغم من طول القصائد النثرية؛ وعبارة على الرغم هنا ليست لوجود متغير سلبي بالعكس تماما فالمتغير إيجابي فطول القصائد يعني الفكر الدفاق والخيال سابحة فيه الصور وما يَعنني هنا أن الوحدة الموضوعية قد تحققت أيضا. فلا تشابكات ولا تداخلات لأفكار ثانوية قد تفسد الفكرة أو تعبث برسالتها والتي ستعرفها ضمنا من العنوان ومن هنا وجبت الإشادة بالعناوين المختارة فهي منتمية إلى جسد كل قصيدة نثرية وتعبر عنه كأن العناوين مرايا عاكسة للمحتوى تجسده بأقل الدلالات وبكلمات جاذبة. من العناوين مثلا: واجبات ما قبل النوى – الإعصار الهادئ – تصوف عبادة الشمس-عوذت من إرهاص قلبك صباح على طريقتك- الطفل المعلم
تضمنت الأبواب الثلاثة أجمل العناوين لنثريات، فشوق وأكثر فيها من الصور البلاغية والكلمات ما يجعلك شاهدا على حالة حب بين عاشقين، ويقاس عليها ما يلي من قصائد فيها من المحسنات والصور الكثيفة ومن الملاحظ أن أديبتنا حداثية فقد ضمنت المؤلف بكلمات معاصرة وهذا من شأنه أن يجعل القارئ ملتحما بالنص فهو ينتمي لهذا الواقع ومن الحسن أن يقرأ ما يعيشه فيه.


وستلمح تـأثر الصيرفي بمجالها المهني (في مجال الاستشفاء والصحة) في محتوى العديد من القصائد كقصيدة الحب هوس الزاخر بصور البلاغة والمحسنات والتي تنتهي بعبارة الدهشة فلماذا يكره الإنسان المرض؟؟ وغيرها من المصطلحات كتخثر- تكاثف-

الأسلوب والفكرة:
استخدمت ياسمين كل حيثيات الوجود بتفاصيلها الدقيقة بدءا من الأب والأم الطفل الجنة السماء الكعك الثلج الوطن العصافير الشمس الفراشة الذئاب البكاء الياسمين القيود السحاب الغيم النجوم الرمزية بالسيدة ر استخدمت ما تلوته وما أدركته ياسمين في حياتها لتثبت فكرة واحدة هي الحب ولكن جزءتها ب 76 قصيدة نثرية بسياقات ومشاهد عذبة فيها الفراق والنوى والعذابات فيها التحدي كما فيها الشفقة مع الكبرياء كما في حبك مسكين. كما فيها العنفوان العاشقة ب هنيئا لك موتي.



فالأسلوبية في فراش دافئ من حيث اللغة فهي سلسلة غير معقدة، ومن حيث الاسترسال فهي أشبه ببوحِ الإنسان؛ لكنه بوح عاطفي في كل القصائد يتراوح ما بين صور اللوم والعشق تارة وما بين التحدي والإباء تارة أخرى وقد استخدمت ياسمين في هذا البوح الصور المألوفة لكنها نسجتها بقلم رومانسي حساس، يجعل القارئ منسجما مع القصائد النثرية على طول معظمها.


أهنئ الأديبة على الإضافة التي جاءت بها إلى عالم الأدب. في القصائد النثرية وهي محملة بهذا الحب العظيم الذي استطاعت صفحات كتاب فراش حمله.